ثقافة

أدب النهايات العبري وكابوس الخروج من الحلم الصهيوني

يتنبأ “أدب النهايات” العبري بمستقبل مأساوي لإسرائيل، مستعرضاً أسباباً وسياقات متنوعة حسب التوجهات الثقافية والأيديولوجية المختلفة في المجتمع الاستيطاني، والاهتمامات التي تشغل التيارات المستهدفة بالروايات، بالإضافة إلى رؤى وتوجهات الكتاب.

يرى الكاتب الإسرائيلي يشاي سريد أن “أدب النهايات” يشبه خريطة يصورها الكاتب للقارئ، مشيراً إلى ضرورة الهروب قبل وقوع الكارثة. وكأن هذه الأعمال لوحات ترصد أزمات المجتمع الصهيوني ومراحلها، بهدف توعية الجمهور للتفاعل معها بشكل إيجابي أو سلبي أو الهروب منها.

تتنوع القضايا والأفكار التي تدور حولها هذه الأعمال الأدبية، فهي تعكس محركات وخلفيات الأحداث الدرامية التي تصل إلى لحظة الكشف والوقوف أمام الحقيقة. من هذه القضايا التطرف الديني، كما في روايات بنيامين تموز “فندق يرمياهو” (1984)، وإسحق بن نير “الملائكة قادمون” (1987)، وهادي بن عامير “من أجل الرب” (1998)، ويشاي سريد “الثالث” (2015)، وليو دي وينتر “حق العودة” (2008)، وبول ألستر “دولة أم عشيرة” (2020).

كما تعالج بعض الروايات السلطوية العسكرية، مثل رواية عاموس كينان “الطريق إلى عين حارود” (1984)، أو السلطة الأيديولوجية الغاشمة، كما في رواية آساف جفرون “هوس الماء” (2014)، أو الحروب الطاحنة بين اليمين واليسار، مثل رواية إسحق بن نير “بعد المطر” (1979)، أو خراب تل أبيب، كما في رواية عاموس كينان “الكارثة 2” (1975).

رواية “2030” ليغال سرنا، الصادرة في 2014، تركز على محتوى الدايسوتوبيا والانهيار الأخلاقي والسيولة الشاملة، وتتناول القضايا السابقة بالإضافة إلى الجشع والطمع والفساد. الرواية تنطلق من احتجاجات اجتماعية شهدتها إسرائيل في يوليو/تموز 2011، احتجاجاً على ارتفاع أسعار السكن في تل أبيب، ما أدى إلى مظاهرات حاشدة تطالب بالعدالة الاجتماعية.

أما رواية “الطريق إلى عين حارود” لعاموس كينان، فتحاول نزع ثوب القاتل عن الإسرائيلي وتحويل الاحتلال إلى أزمة وجودية، متحدثة عن انقلاب عسكري في إسرائيل والفوضى التي تليه. الرواية تصور رحلة بطلها الإسرائيلي الهارب من تل أبيب، والذي يحتاج إلى مساعدة شاب عربي للوصول إلى “عين حارود”، كرمزية لهشاشة الحلم الصهيوني.

رواية “حق العودة” للكاتب اليهودي الهولندي ليو دي وينتر، تتنبأ بانكماش الكيان الصهيوني إلى منطقة تل أبيب وشمال النقب، متأثرة بقصف صاروخي متواصل وانقسامات داخلية بين المتشددين والعلمانيين، متوقعة نهاية مأساوية للكيان.

أما رواية “عشيرة أم دولة” لبول ألستر، الصادرة في 2020، فتتخيل سيناريو مستقبليًا لعام 2048، يتضمن اتفاق سلام مع الفلسطينيين وانقسام إسرائيل إلى دولتين مستقلتين، دينية وعلمانية، مما يعكس التوترات الداخلية الحالية بين المتدينين والعلمانيين.

ختاماً، يذكر أن “أدب النهايات” يعكس أزمات المجتمع الصهيوني وتوقعاته لمستقبل مظلم، مما يدعو لتأمل عميق في أسباب هذه الأزمات والتحذير من الشرور المتأصلة في المشروع الصهيوني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى