إشارات مخادعة كيف تؤثر هجمات الخداع على رحلات الطيران المدني؟
في الأشهر الأخيرة من عام السابق، بدأ الطيارون العاملون في منطقة الشرق الأوسط في الإبلاغ عن حالات تعرض أنظمة الملاحة على متن طائراتهم لإشارات مزيفة من نظام “جي بي إس”، مما أدى أحياناً إلى تحريك مسار الطائرة بشكل غير صحيح بمئات الكيلومترات.
خلال هذه الفترة، تعرضت الطائرات التجارية المحلقة فوق مناطق الشرق الأوسط وشمال أوروبا لسلسلة من حوادث خداع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS spoofing)، مما أدى إلى تحريك أنظمة الملاحة على متنها بعيداً عن مسارها المحدد، مما يشكل تهديداً متزايداً على حركة الملاحة الجوية عالمياً، بحسب خبراء الطيران وهيئاته الدولية.
تتسبب هذه الحوادث في فقدان القدرة على الملاحة بشكل كامل، مما يجبر أحياناً طواقم الطائرة على الاعتماد على التوجيهات الشفهية من مراقبي الحركة الجوية، وفقاً لمنظمة “أوبس غروب”، وهي منظمة تضم الطيارين ومنظمي الرحلات الجوية. تأثرت الطائرات بأحجام مختلفة بهذه الحوادث، بما في ذلك طائرات رجال الأعمال الصغيرة وطائرات البوينغ 777 الكبيرة.
أولى الحوادث التي أُبلغ عنها وقعت في منطقة المجال الجوي العراقي بالقرب من حدود البلاد مع إيران، وهي المنطقة التي تستخدمها الرحلات الجوية المتجهة بين أوروبا ودول الخليج. يمكن أن تؤدي هذه الحوادث إلى حوادث دولية حقيقية، كما يقول تود همفريز، أستاذ هندسة الطيران بجامعة تكساس في أوستن.
في السنوات الأخيرة، شهدت الأنظمة العالمية للملاحة عبر الأقمار الصناعية، المعروفة باسم “جي إن إس إس” (GNSS)، بما في ذلك أنظمة “الجي بي إس”، زيادة في الهجمات عليها، بما في ذلك التشويش والخداع.
تتمثل الهجمات على هذه الأنظمة في تشويش الإشارات اللاسلكية التي يعتمد عليها نظام “الجي بي إس”، مما يجعله غير صالح للاستخدام، بالإضافة إلى خداع الأنظمة عن طريق استبدال الإشارة الأصلية بإشارة زائفة.
يعتبر التشويش على إشارات نظام “الجي بي إس” ظاهرة شائعة نسبياً، خاصةً في مناطق الحروب والمواقع العسكرية الحساسة، حيث تُستخدم هذه الممارسة لتفادي الهجمات المحتملة من الطائرات المسيرة أو الصواريخ الموجهة. في حين، يتسبب الخداع في تضليل المعدات الإلكترونية على متن الطائرة، مما يؤدي إلى حساب موقعها بشكل غير صحيح وتوجيهات مضللة للطيار.
يشير الخبراء إلى أن عمليات الخداع تشكل خطورة أكبر من التشويش، حيث قد لا يدرك الطيار بدايةً ما يحدث، وتؤثر الإشارات الخادعة أيضًا على النظام المرجعي للقصور الذاتي “آي آر إس” داخل الطائرة، مما يعوق القدرة على الملاحة بشكل كبير.
تشير البيانات إلى زيادة ملحوظة في حوادث الخداع في منطقة الشرق الأوسط بعد الحرب على غزة في أكتوبر، وتشهد دول شمال أوروبا أيضاً ارتفاع