اقتصاد

استثمارات قطر في أفريقيا تنويع اقتصادي وتوسع متنام

استثمارات قطر في أفريقيا تنويع اقتصادي وتوسع متنام

في ظل تقلبات التمويل الصيني لمشاريع البنية التحتية في القارة الأفريقية، وتراجع دور الاتحاد الأوروبي، ازدادت استثمارات قطر في القارة السمراء بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة. يأتي هذا التوجه القطري ضمن إستراتيجية البلاد لتنويع الاقتصاد والجغرافي والثقافي، بهدف تعزيز حضورها الاقتصادي والحصول على مكانة بارزة في خريطة الاستثمار العالمي على المستويين الإقليمي والدولي.

وقد لعبت خبرات قطر المتراكمة في بيئة الأعمال، وعلاقاتها القوية مع الأسواق والشركات الكبرى، وسمعتها الدبلوماسية والرياضية، دورًا بارزًا في دخولها إلى الساحة الاقتصادية الأفريقية دون تردد. وقد أتاحت هذه العوامل لقطر فرصًا استثمارية متنوعة في أنحاء القارة، متجاوزةً حتى استثماراتها في مناطق شمال أفريقيا والقرن الأفريقي.

ويعزى اهتمام قطر بالاستثمار في أفريقيا إلى تنوعها الاقتصادي ومواردها الهائلة، إذ تعتبر القارة حافظة على أسواق متنوعة ومشاريع استثمارية ذات إمكانيات كبيرة، والتي لا تزال تفتح أبوابها للاستثمارات الضخمة بأسعار تنافسية. ويقول المحلل الاقتصادي الدكتور عبد الله الخاطر إن جهاز قطر للاستثمار يركز حاليًا على قطاعات متعددة في أفريقيا، مثل الطاقة والزراعة والعقارات، بهدف تعزيز التنوع الاقتصادي والجغرافي والثقافي للبلاد.

ويشير الخاطر إلى أن قطر، كونها تمتلك فائضًا في الطاقة، يمكنها أن تكون شريكًا مهمًا في مشاريع الطاقة في أفريقيا، سواء كانت في مجال الاستكشافات أو توفير الطاقة، مما يعزز دورها كمزود للطاقة النظيفة في القارة. ويؤكد أن دخول قطر في مجال التنافس على الاستثمار في أفريقيا يعزز التوازن ويوفر خيارات متنوعة للشركات والحكومات الأفريقية، ويساهم في زيادة معدل النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية في المنطقة.

توسع كبير

تتمحور استثمارات قطر في أفريقيا بشكل أساسي حول قطاعات مثل الطاقة المتجددة، والتعدين، والصلب، والاتصالات، والنقل. وتظهر أهمية قطر كمستثمر رئيسي في القارة الأفريقية، حيث يصل تحتليها في الاستثمارات العربية في الجزائر إلى أكثر من 74% من إجمالي الاستثمارات العربية.

وتعتبر قطر أحد أبرز المستثمرين في مصر في مختلف القطاعات، حيث تم التوصل إلى اتفاقيات وشراكات تبلغ قيمتها الإجمالية 5 مليارات دولار خلال العام الماضي.

وشهد التعاون بين الدوحة وأبيدجان تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة، خاصة في المجالات الاستثمارية، والبنية التحتية، وقطاع الطيران، وصناعة الغاز الطبيعي.

فيما يتعلق بالصناعة الطاقوية، وقعت شركة قطر للطاقة اتفاقية للاستحواذ على نسبة ملموسة من حقوق الاستكشاف في حوض إنغوشي البحري في موزمبيق بالتعاون مع شركتي إيني الإيطالية وإكسون موبيل الأمريكية. وفي جمهورية الكونغو، استحوذت قطر للطاقة على حصة في شركة توتال الفرنسية وأخرى في مجال الكهرباء.

أضافة إلى ذلك، فقد عززت قطر شراكتها مع جنوب أفريقيا في مختلف القطاعات، بما في ذلك النفط والمعادن والبتروكيميائيات، ووصلت قيمة الاستثمارات المشتركة بين البلدين إلى حوالي 13 مليار دولار.

فرص استثمارية شرق أفريقيا

أكد محمد الكواري، النائب الأول لرئيس غرفة قطر، أن الناتج المحلي للدولة الذي يبلغ نحو 200 مليار دولار يشكل عاملًا مهمًا يسهم في تعزيز التعاون بين قطر وأفريقيا، وبخاصة منطقة الشرق وأوغندا، التي توفر فرصًا استثمارية متنوعة وتعتبر مصدرًا للسلع الأساسية والغذاء والمواد الخام، فضلاً عن كونها وجهة سياحية رائدة.

وأكد الكواري، خلال منتدى ومعرض الاستثمار والتجارة في شرق أفريقيا الذي أُقيم في أوغندا مؤخرًا، أن دولة قطر تعتبر الرائدة في إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتسويقه عالميًا، مما يجعلها موردًا هامًا لعدد كبير من الدول. وأشار إلى أن “قطر للطاقة” قد أبرمت العديد من الاتفاقيات للاستكشاف والإنتاج في عدة دول، بما في ذلك دول أفريقية.

ويرى الكواري أن القارة الأفريقية تعتبر الوجهة المثالية للاستثمارات القطرية، نظرًا لتنوعها الاقتصادي ومواردها الطبيعية الهائلة. وأشار إلى أن لدى قطر أصولًا قوية تبلغ قيمتها نحو 475 مليار دولار، مما يمكنها من تحقيق تنويع استراتيجي في مختلف المجالات الاقتصادية.

ويُشير المحلل الاقتصادي الدكتور عبد الرحيم الهور إلى أن سياسة الاستثمار القطرية تعمل وفق مبدأ التنويع الكفء، الذي يهدف إلى تحقيق عوائد طويلة الأمد وتقليل المخاطر عبر توزيع الاستثمارات في مختلف القطاعات والمناطق الجغرافية. ويرى الهور أن الاستثمار في أفريقيا يأتي كجزء من هذه الاستراتيجية، خاصة بعد استكشاف الفرص الواعدة في المنطقة.

ويعتبر الهور أن منطقة شرق أفريقيا تعتبر من الوجهات الجاذبة للاستثمارات القطرية، نظرًا لاستقرارها السياسي ووفرة مواردها الطبيعية والبشرية. ويعزو نجاح الاستثمارات القطرية في المنطقة إلى الخبرة الفنية والمهارات الاستراتيجية التي تتمتع بها قطر، بالإضافة إلى شراكاتها الدولية القوية وموقعها كمزوّد للطاقة الرخيصة والنظيفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى