اقتصاد

مصر تشهد تعافيا اقتصاديا بعد أزمة عملة حادة هل هو مستدام؟

مصر تشهد تعافيا اقتصاديا بعد أزمة عملة حادة هل هو مستدام؟

شهدت مصر، التي كانت تواجه أزمة عملة حادة منذ عقود، تحولًا ملحوظًا في الأسابيع الأخيرة، حيث أصبحت واحدة من أكثر الأسواق نشاطًا في الدول الناشئة.

وبحسب وكالة بلومبيرغ، فإن الإعلان عن صفقة ضخمة لتطوير القطاع السياحي بقيمة 35 مليار دولار مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو أكبر استثمار محلي في تاريخ مصر، كان نقطة تحول رئيسية.

وقدم ضخ رأس المال المستثمر في هذه الصفقة، بالدولار بشكل رئيسي، دعمًا كبيرًا، حيث بدأت مصر سلسلة من التدابير لتحقيق استقرار اقتصادي مضطرب، وفقًا لما ذكرته بلومبيرغ. وتضمنت هذه التدابير رفعًا كبيرًا في أسعار الفائدة، بالإضافة إلى توسيع نطاق قروض صندوق النقد الدولي.

وبحسب وكالة الأناضول، فإن أحد أهم علامات تعافي الاقتصاد المحلي في مصر كان إضعاف السوق السوداء للعملة، التي كانت تُستخدم كوسيلة للحصول على الدولارات خارج القنوات الرسمية.

فقد ارتفع سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى 70 جنيهًا مقارنة بـ 31 جنيهًا في السوق الرسمية في فبراير الماضي، لكنه بدأ في الانخفاض إلى حوالي 55 جنيهًا مع الإشارات إلى اقتراب التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد.

وعلى هذا النحو، يتوقع محللو أسواق المال في مصر القضاء تمامًا على السوق السوداء بحلول بداية الشهر المقبل، مما يجعل السوق الرسمية هي المصدر الوحيد لتداول العملات.

الاستثمارات تتدفق

تشير وكالة الأناضول إلى أن مصر شهدت تدفقًا استثماريًا ملحوظًا مؤخرًا، مما يعكس اهتمامًا دوليًا متجددًا بالاقتصاد المصري. وقد التزمت دول مثل الإمارات، وإيطاليا، والاتحاد الأوروبي بتقديم استثمارات تجاوزت قيمتها 160 مليار دولار في السنوات المقبلة. وقد كشفت الحكومة المصرية عن خطط تنموية لمناطق مثل منطقة “رأس جميلة” الساحلية، بالإضافة إلى بدء مشاريع مثل “رأس الحكمة” بالشراكة مع الإمارات.

بالإضافة إلى ذلك، أعلنت المملكة العربية السعودية عن خطط لإجراء مناقشات مالية متقدمة مع مصر لتعزيز التعاون الثنائي. كما اقترحت شركة “دانييلي” الإيطالية استثمارًا بقيمة 4 مليارات دولار في مجمع متطور للحديد والصلب بهدف خلق 17 ألف فرصة عمل وتسهيل الصادرات إلى الأسواق العالمية، خاصة أوروبا. وهناك خطط جارية لإنشاء مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر، مما سيجذب المزيد من الاستثمارات بقيمة تتراوح بين مليارين و3 مليارات دولار.

ومع ذلك، في خضم التفاؤل بالتحسن الاقتصادي في مصر، تظل هناك تحديات تواجهها. فقد أشارت وكالة بلومبيرغ إلى أن مصر واجهت صعوبات في تحقيق الإصلاحات المتعلقة بالاقتصاد والتي تبنتها في السابق، مما أثر على استقرارها الاقتصادي.

وقد أدى الانخفاض المستمر في قيمة الجنيه المصري، الذي بدأ في عام 2022، إلى تفاقم الضغوط التضخمية، وبالتالي زادت الضغوط الاجتماعية والاقتصادية على الأسر التي تعتمد على دعم الدولة للحصول على الضروريات الأساسية.

بالإضافة إلى ذلك، يعاني الاقتصاد المصري من نقص مستمر في الاستثمارات، خاصة خارج قطاع النفط والغاز، مما يجعله عرضة للتقلبات وتدفقات “الأموال الساخنة” المضاربة من المستثمرين الدوليين. وتعد الصناعات المحلية مستمرة في تجاوز التحديات، خاصة مع المنافسة غير العادلة من الكيانات التابعة للدولة، وبخاصة تلك المرتبطة بالمؤسسة العسكرية القوية.

وبالنظر إلى هذا المشهد الاقتصادي المعقد، تظل مصر تواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على استقرارها وتعزيز تنميتها المستدامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى