حظر المراهقين من منصات التواصل الاجتماعي.. التجربة الأسترالية تشعل نقاشًا عالميًا
أعلنت الحكومة الأسترالية إطلاق خطة شاملة تهدف إلى حظر وصول المراهقين وصغار السن إلى منصات التواصل الاجتماعي، مثل إنستغرام وتيك توك وغيرها، في خطوة غير مسبوقة دفعت العديد من دول العالم إلى دراسة تبني النهج نفسه.
وتُعد أستراليا، وفق تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ، أول دولة ديمقراطية تتخذ هذا النوع من الإجراءات الصارمة، حيث نصّ القرار على فرض غرامات قد تصل إلى 32 مليار دولار على الشركات التقنية التي تخالف القواعد الجديدة.
وأشار التقرير إلى أن صناع القرار في مدن ودول عدة، من بينها كوبنهاغن وجاكرتا والبرازيل، يدرسون بجدية تطبيق إجراءات مشابهة، ويراقبون التجربة الأسترالية عن كثب لمعرفة رد فعل شركات التكنولوجيا التي قد تخسر شريحة واسعة من جمهورها.
طريق قد تسلكه دول أخرى
عبّرت وزيرة الشؤون الرقمية في الدانمارك، كارولين ستيج أولسن، في حديثها مع بلومبيرغ، عن إعجابها الشديد بالقانون الأسترالي الجديد، واصفة إياه بأنه خطوة أساسية ومهمة للغاية، وهو ما يعكس تنامي النظرة الإيجابية عالميًا تجاه هذا القرار.
وتعزز هذه التصريحات توجهاً دولياً متزايداً نحو إعادة النظر في استخدام المراهقين لمنصات التواصل الاجتماعي، لا سيما في ظل غياب إحصاءات دقيقة وموحدة حول معدلات استخدام هذه الفئة العمرية لتلك المنصات.
وترى أبيجل تشين، من شركة فلينت غلوبال للاستشارات السياسية والتنظيمية، أن تشديد القيود العمرية قد يؤدي إلى ظهور منظومة عالمية موحدة لقواعد التحقق من العمر وضمان أهليّة المستخدمين على منصات التواصل الاجتماعي.
وبينما تستعد أستراليا لتطبيق القرار رسميًا بدءًا من العاشر من ديسمبر الجاري، بدأت دول أخرى باتخاذ خطوات عملية في الاتجاه ذاته.
ففي البرازيل، تقرر ربط حسابات المستخدمين الذين تقل أعمارهم عن 16 عامًا بحسابات أولياء أمورهم اعتبارًا من مارس المقبل. كما صوّت البرلمان الأوروبي لصالح قانون يُلزم منصات التواصل الاجتماعي بالحصول على موافقة ولي الأمر لإنشاء حسابات للأطفال دون سن 15 عامًا.
وفي إندونيسيا، أقرت الحكومة شرط موافقة الوالدين لإنشاء حسابات للمراهقين دون 18 عامًا، بينما اتجهت كل من ماليزيا ونيوزيلندا إلى حظر استخدام منصات التواصل الاجتماعي بالكامل لمن هم دون 16 عامًا.
مواقف متباينة من شركات التكنولوجيا
تفاوتت ردود فعل شركات التكنولوجيا الكبرى إزاء هذه القرارات، إذ أعلنت شركة ميتا، المالكة لفيسبوك وإنستغرام، نيتها الامتثال للقانون الأسترالي، رغم تأكيدها وجود حلول أخرى تراها أكثر فاعلية، بحسب بلومبيرغ.
كما أعلنت شركة تيك توك التزامها بالقرار، مع إبدائها قناعة بأن الحظر القائم على العمر وحده ليس حلًا فعالًا للمشكلة.
في المقابل، رفضت كل من غوغل ويوتيوب وسناب تصنيفها ضمن منصات التواصل الاجتماعي، معتبرة أن هذا التصنيف يعكس عدم فهم لطبيعة عمل هذه المنصات، فيما امتنعت منصة إكس عن التعليق على القرار.
الدوافع الحقيقية وراء هذا التوجه
يرجع هذا التوجه العالمي المتصاعد إلى تزايد المخاوف من الآثار السلبية لمنصات التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للمراهقين، بما في ذلك حوادث الانتحار، والتحديات الخطرة المنتشرة عبر تيك توك، إضافة إلى ظاهرة التنمر الرقمي.
ويرى باتريك جونز، وهو سفير يبلغ من العمر 16 عامًا في إحدى المجموعات المدافعة عن الصحة العقلية للشباب، أن المشكلة الحقيقية تكمن في طبيعة المحتوى وليس في إمكانية الوصول إليه، وهو ما يمثل جانبًا من الأصوات المعارضة لقرارات الحظر، التي تدعو إلى التركيز على تنظيم المحتوى بدلًا من منع الوصول.
ولا تزال آلية تطبيق هذا الحظر غير واضحة حتى الآن، خاصة في ظل إمكانية التحايل على القيود التقنية والبرمجية بسهولة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات واسعة حول فعالية هذه الإجراءات على المدى الطويل.





