وائل حلاق: دمار غزة يكشف الوجه الحقيقي للحداثة و كلنا فلسطين يعكس أزمتنا العالمية
يواصل المفكر وائل حلاق في الجزء الثاني من حواره مع الجزيرة نت تحليل الأبعاد المعرفية لواقعنا المعاصر، مثيراً تساؤلات هامة حول أدوار الجامعات والمؤسسات الأكاديمية الغربية. يوضح حلاق أن الجامعات الكبرى لم تعد تهتم فقط بتعليم الطلاب، بل تحولت إلى مؤسسات استثمارية ضخمة تستثمر مبالغ طائلة في مجالات متنوعة، بما في ذلك التكنولوجيا العسكرية. هذا التحول الكبير يعكس تغيّر أدوار هذه المؤسسات ويؤثر على مواقفها من الحراك الطلابي الداعم لغزة.
يفكك حلاق النموذج المعرفي الغربي وعلاقته بالدمار في غزة، ليخلص إلى أن إسرائيل، من خلال سياساتها التدميرية، تجسد الوجه الحقيقي لمشروع الحداثة الغربي. يوضح أن التنوير والحداثة لا يمكن فصلهما عن السياسات الاستعمارية والتدميرية. ويؤكد على أهمية امتلاك حس نقدي معرفي وأخلاقي متين للتفاعل بشكل صحيح مع هذه اللحظة التاريخية التي أحدثتها “الانتفاضة العظمى”.
يشير حلاق إلى محاولات قمع الخطاب في الجامعات الأميركية، موضحاً أن رئيسة جامعة كولومبيا وضعت قيوداً على استخدام مصطلحات مثل الانتفاضة و”من البحر إلى النهر”، معتبرة إياها معادية للسامية. يوضح حلاق أن هذا يعكس محاولة لمواجهة أي خطاب ينتقد الصهيونية.
يحلل حلاق العلاقة بين المركزية والهامشية في الأنظمة، مشيراً إلى أن المجالات المركزية تفرض شروطها على المجالات الهامشية. ويستخدم مثال الفنون الجميلة والجامعات لتوضيح كيف أصبحت المؤسسات الأكاديمية مؤسسات استثمارية كبرى، تدير أموالاً ضخمة وتستثمر في مجالات متنوعة بما في ذلك التكنولوجيا العسكرية، مما يغير من طبيعتها ويجعلها أدوات لزيادة الثروة بدلاً من كونها مؤسسات تعليمية بحتة.
كما يعرض حلاق رؤيته للعلاقة بين الثقافة الغربية والدمار في غزة، مؤكداً أن القيم الغربية التي يدعي البعض الدفاع عنها تتطلب العنف المفرط الذي نراه اليوم. ويشير إلى أن الحداثة الغربية تقاس بالقيمة المالية لكل شيء، بما في ذلك الحياة البشرية.
ينتقد حلاق دعم الدول الغربية لإسرائيل، موضحاً أن هذا الدعم يعكس نفاق الديمقراطيات الليبرالية التي تتبنى نفس سلوك إسرائيل تجاه الفلسطينيين. ويؤكد على أن تعاطف الغرب مع القضية الفلسطينية ناتج عن وعي جديد بأزمات الحداثة.
في ختام حواره، ينصح حلاق الشباب بالسعي لفهم عميق للمشاكل التي نمر بها من خلال إعادة النظر في كل المفاهيم الأساسية والمهمة التي قدمتها الحداثة، وقراءة الأدبيات المهمة بعين نقدية.